• مفاهيم

    الحضارة                                           

    الحضارة هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته، سواء كانت نتيجة الجهود مادية أو معنوية ، او هي نظام اجتماعي يعين الناس على الزيادة في الانتاج الثقافي ول ديورانت قصة الحضارة ج 1 مج 1 ص 04 . وتتألف الحضارة عنده من أربعة عناصر وهي: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم، وتبدأ الحضارة عنده حيث ينتهي الاضطراب والقلق.

    هذا المفهوم الذي يحدد الحضارة، قد لا نعثر عليه بهذا المعنى في التراث العربي القديم، فمادة (حضر) في لسان العرب لابن منظور(1232 ـ 1311 م) تشير إلى معاني عديدة، من بينها الإقامة في الحضر في مقابل الإقامة البدوية.

    واستمر هذا المعنى يتردد في الإنتاج الفكري العربي، فظهر عند ابن خلدون (1332 ـ 1406م) والذي جاء بعد ابن منظور، فكانت الحضارة عنده مرحلة تتقدمها البداوة يقول:"الحضارة إنما هي تفنن في الترف وإحكام الصنائع المستعملة في وجوهه ومذاهبه من المطابخ والملابس والمباني والفرش والأبنية وسائر عوائد المنزل وأحواله، فلكل واحد منها صنائع في استجادته والتأنق فيه تختص به ويتلو بعضها بعضا وتتكثر باختلاف ما تنزع إليه النفوس من الشهوات والملاذ والتنعم بأحوال الترف وما تتلون به من العوائد"، ولم يعرف هذا المفهوم توسعا كبيرا، وبقي حبيس المفهوم الذي وضعه ابن منظور، لذلك يذهب نصر محمد عارف، إلى حد اعتباره مصطلح أصيل عند صاحب لسان العرب  

    أما المعنى المتداول للحضارة في الفكر العربي المعاصر، فيرى هذا الباحث أن مرجعيته غربية، لهذا يجب تتبع المصطلح في اللغات المنتشرة هناك إذا أَريد له أن يُفهم على حقيقته، حيث استعمل المصطلح civilisation في حدود القرن الثامن عشر، من طرف دي ميرابو Comte De Mirabeau (1749 ـ 1791 م)، وتحديدا سنة 1757م، وكان يعني به حسب نصر محمد عارف رقة طباع الشعب وعمرانه، ويرى أن الكلمة ظلت خارج المعاجم والقواميس في تلك الفترة.ومصطلح civilisation في الغرب مشتق من الكلمة اللاتينية civis أي المدني أو المواطن في المدينة، وكانت تعبر عن حياة الرقي والتقدم التي يعيشها الأفراد في المجتمعات. واستعمالها بهذا المعنى في اللغة الفرنسية عند قسطنطين زريق أقدم منه في اللغة الانجليزية. وعندما اطلع العرب على هذا المصطلح كان من الضروري تعريبه، والتعريب يقتضي العودة إلى الجذر اللاتيني، ثُم البحث عما يقابله في اللغة العربية، فكان اللفظ مدني يقابل civis اللاتينية، وهنا ظهرت كلمة المدنية بمثابة تعريب للمصطلح الغربي.

    المدنية

    المدنية في الفكر العربي المعاصر تشير إلى الحضارة ولو أن استخدامه بهذا المعنى كان في القرن التاسع عشر ، ثم اخذ في التراجع مع مجيء القرن 20  ، فاسحا المجال لمصطلح الحضارة . مع أن كلا اللفظين هو ترجمة لكلمة civilisation . لأنه عند ترجمة هذه الكلمة ، يمكن مقابلتها بالمدنية على اعتبار أن اللفظ الغربي مشتق من المدينة  City . ويمكن تعريب الكلمة بالحضارة وهذا بالاتكاء على ما ظهر في مقدمة ابن خلدون وهنا ينتقل الاشتقاق من المدينة إلى الحضر بمعنى الاستقرار في مكان معين عكس البداوة التي تتطلب التنقل المستمر .

    الثقافة

    تعود جذور كلمة Culture إلى لفظ يوناني يعني حرث الأرض وزراعتها وظل هذا اللفظ مقترن بهذا المعنى حتى القرون الوسطى ، وفي عصر النهضة ارتبط المفهوم بالجوانب الفنية والأدبية ، لكن فيما بعد استخدم اللفظ بمعنى تنمية العقل وتزيينه بالمعرفة ، واستمر على هذا النحو الى يومنا هذا .

    ومن افضل التعريفات التي وضعت للثقافة نجد تعريف ادوارد تايلور في كتابه Primitive Culture الصادر سنة 1871 م . وقد جاء فيه أن الثقافة بمعناها الاثتنوغرافي الواسع هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في مجتمع . وبانتقال المصطلح إلى ألمانيا أصبح يشير إلى التقدم الفكري ، وفي بعض المجتمعات نجد يشير إلى حصيلة التفاعل بين الإنسان و بيئته.

    مصطلح الثقافة في اللغة العربية

    لا علاقة لمعنى الثقافة عند العرب بوعائها اللفظي ، فهذا المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية يذكر أن الأصل اللغوي للثقافة هو الفعل ثقف أي هدب وحدق ، لكنه ينتقل فجأة إلى تعريف الثقافة بأنها العلوم والمعارف التي يطلب الحذق بها .وهذا تماشيا مع معناها في الوعي الغربي . ومن الأوائل الذين تعاملوا مع هذا المصطلح الوافد إلى الثقافة العربية هو سلامة موسى ( 1887 ـ 1958 م ) مفكر مصري الذي وضع لفظ الثقافة في مقابل اللفظ الأجنبي Culture ، وكان يقصد به كل ما يتعلق بالجوانب الفكرية على غرار الفهم الألماني للمصطلح ، مستثنيا العناصر المادية التي تدخل تحت لفظ Civilisation  .